يمثل مآل الكون موضوعا حيويا في مجال علم التأريخ الكوني. ويرى العلماء أن تطور الكون يعتمد على نتيجة التصارع بين عامل الاتساع وقوة الثقالة (الجاذبية). والمعروف أن معدل الأتساع الحالي يقاس بما يعرف بثابت هبل (Hubble Constant)بينما تعتمد شدة التثاقلية على كثافة وضغط مادة الكون. ولكي نفهم تمدد الكون يستلزم ضرورة وجود طاقة معتمة (Dark energy)ومادة معتمة (Dark matter) .
وبمعنى آخر فإنه توجد قوتان في داخل الكون, ويتحدد المصير النهائي للكون بناء على غلبة إحداهما للأخرى.
وقصارى جهد العلم هو وضع تصورات (سيناريوهات) حول ذلك المصير. والحكم على مصداقية تلك التصورات يأتي بعرضها على القرآن الكريم, فما وافق القرآن أخذناه , وما خالفه رددناه. ووفقا لتصورات العلماء فإن مصير الكون إما أن يكون مقفلا (Closed)أو مفتوحا (Open)أو متذبذبا . ((Oscillate)والكون المقفول هو كون تتعاظم فيه ثقالة المادة لدرجة تكفى لإيقاف التوسع الكوني, مما يؤدى في النهاية إلى انهيار المجرات المتباعدة اليوم إلى حالة تعرف بالإنسحاق الأعظم (Big Crunch). وعلى الناحية الأخرى إذا عجزت الثقالة في المستقبل عن إيقاف التوسع , فإن الكون سيستمر في الاتساع إلى الأبد, ويوصف الكون حينئذ بالكون المفتوح. أما الكون المتذبذب فإنه كون وصل إلى حالة الانسحاق الأعظم ثم يعقبه انفجار أعظم, ثم يتأرجح ثانية إلى انسحاق أعظم وهلمجرا.
ومن دلالات النصوص القرآنية : يمكن استنتاج أن :
1. الكون "السماء" متسع وفقا للحقيقة في البند ثالثا. وبناء عليه فإن تصور نهاية الكون بالاتساع خطأ, لأن السماء ستطوى والأرض ستقبض.
2-والحديث عن تذبذب الكون بين الاتساع والانقباض المتتالين خطأ وفق فهمنا لإشارات القرآن . فالثابت قرآنيا أن الكون (بلغة القرآن السماوات والأرض) كان رتقا, وأن الخلق سيعود كما بدأ, مما يشير إلى العودة إلى حالة الجمع. ونجد ذلك في آيتين في القرآن الكريم, نجدهما في قوله تعالى: ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ))( الزمر :67), وقوله تعالى:((يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ))( الأنبياء : 104 ).
أما تذبذب الكون بين الانقباض والأتساع فخطأ محض لأن الله أخبرنا عن تبديل السماوات والأرض بصورة مغايرة لصورتهما الحالية, حيث يقول تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }إبراهيم48 .