أ ش أ - تستحق كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا بالفعل أن يتسابق من أجلها
32 منتخبا لكرة القدم، جاءوا الى جنوب افريقيا من جميع أنحاء الكرة
الأرضية من أجل الفوز بهذه الكأس النفيسة التي تزن حوالى ستة كيلو جرامات
من الذهب الخالص فى نسختها الجديدة.
ويترقب مئات الملايين من
المشاهدين والمشجعين من كل أنحاد العالم كل أربعة أعوام كأس العالم التى
صممت على هيئة رجلين يرفعان الكرة الأرضية سواء شارك منتخبهم الوطنى أو لم
يحالفه الحظ فى الوصول إلى هذه البطولة العالمية، حيث تعد هذه البطولة
أكثر البطولات الرياضية العالمية شعبية وأكبر الأحداث الرياضية الدولية.
ويرجع
الفضل فى ابتكار بطولة كأس العالم إلى الفرنسى جول ريميه رئيس الإتحاد
الدولى لكرة القدم (فيفا) الأسبق عام 1929، بعد اقتراحه تنظيم بطولة دولية
تشارك فيها أفضل منتخبات العالم فى لعبة كرة القدم، وتم الموافقة على
اقتراحه، على أن يتم تنظيمها كل أربع سنوات بين دورة الألعاب الأولمبية.
وفى
مايو من نفس العام اجتمع أعضاء الفيفا من أجل مناقشة تحديد مكان لإقامة
البطولة وتحديدا بين قارتى أوروبا وأمركيا الجنوبية، بشرط أن تتحمل الدولة
المستضيفة كافة التكاليف من إقامة للفرق والصحفيين وأعضاء الفيفا، وتم
ترشيح كل من أوروجواى وإيطاليا وهولندا والمجر والسويد وأسبانيا، ولكن
السويد وهولندا انسحبتا من المنافسة لمساندة إيطاليا، فى حين وجدت
أوروجواى مساندة قوية من جانب دول أمريكا الجنوبية باعتبارها بطلة الألعاب
الأولمبية عامى 1924 و1928.
وبعد منافسة شرسة على تنظيم أول بطولة
كأس عالم، نجحت أوروجواى التى كانت تحتفل بمرور قرن كامل على استقلالها عن
أسبانيا فى الفوز بشرف تنظيم هذه البطولة العالمية عام 1930، وتتوج بلقب
البطولة كأول منتخب يحرز لقب كأس العالم فى التاريخ.
وعند تنظيم
أول بطولة كأس العالم بالأوروجواى عام 1930، كان يجب أن تكون هناك جائزة
ثمينة تناسب المنتخب الفائز باللقب العالمى، فتم الإستعانة بالنحات
الفرنسى آبيل ليفلير لتصميم هذه الجائزة، ليقوم ليفلير بتصميم "تمثال"
أطلق عليه اسم "جول ريميه" تكريما لمبتكر بطولة كأس العالم الفرنسى
الجنسية.
وقد جاءت النسخة الأصلية من التمثال بأرتفاع 35 سنتيمترا
ويزن حوالى 8٫3 كيلو جرام، واتخذت شكل تمثال مطلى بالذهب والفضة، على هيئة
"نايكى" وهو إلهة النصر عند الأغريق، وهو عبارة عن سيدة مجنحة تحمل وعاء
فوق رأسها، وتقف على قاعدة سداسية الشكل زرقاء اللون صنعت من حجر
"اللازورد" الكريمة.
وتعرضت كأس "جول ريميه" عبر تاريخها للعديد من
المواقف، فبعد أن فاز منتخب إيطاليا بكأس العالم عام 1938 التى نظمتها
فرنسا، كان من المفترض أن تحتفظ إيطاليا بالكأس لمدة أربعة أعوام لحين
انطلاق النسخة الرابعة للبطولة، إلا أنه بعد اندلاع الحرب العالمية
الثانية عام 1939، توقفت منافسات بطولة كأس العالم عامى 1942 و1946.
ولم
يجد نائب الإتحاد الإيطالى حينها أوتورينو باراتسى مكانا يخفى فيه الكأس
غير علبة حذائه الخاص وتحت سريره، خوفا من تعرض الكأس للسرقة بعد أن طال
الكثير من مدن إيطاليا آثار هذه الحرب المدمرة، طوال فترة احتفاظ إيطاليا
بلقب البطولة لمدة 12 عاما، حتى موعد البطولة القادمة فى البرازيل عام
1950.
وتعرض كأس العالم فى نسخته القديمة (جون ريميه) للسرقة قبل
انطلاق نهائيات كأس العالم عام 1966 والذى نظمته إنجلترا، والذى كان
معروضا فى لندن ضمن معرض للطوابع البريدية فى انتظار انطلاق منافسة
البطولة، لكن الكأس اختفى.
وتولت شرطة سكوتلنديارد على مدى ثمانية
أيام التحقيق والبحث عن الكأس المفقود وإقتفاء أثر السارق لكن دون جدوى،
فى حين نجح الكلب "بيكلز" فيما فشلت فيه الشرطة البريطانية، عندما استطاع
العثور على الكأس مدفونة أسفل شجرة فى حديقة منزل بأحد ضواحى العاصمة
البريطانية "لندن" أثناء نزهته اليومية بصحبة صديقه.
وتبين أن
السارق ما هو إلا مهووسا بكرة القدم ومشجعا متعصبا للمنتخب الإنجليزى،
وكان يخشى أن تذهب الكأس للمنتخب البرازيلى الذى كان الأوفر حظا والمرشح
الأول والأقوى لنيل اللقب فى هذا المونديال فأقدم على سرقتها، وكلفه ذلك
دخوله السجن حيث تابع فوز المنتخب الإنجليزى فيما بعد فى النهائى أمام
ألمانيا من وراء القضبان، ليحتفل وحيدا داخل سجنه بفوز منتخب بلاده بأول
بطولة كأس عالم.
ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التى تم سرقة كأس
العالم فيها، فأصبحت لعنة السرقة تطارد النسخة القديمة من الكأس الذهبية،
فبعد فوز المنتخب البرازيلى للمرة الثالثة فى تاريخه بكأس العالم عام 1970
بتغلبه على منتخب إيطاليا، احتفظ منتخب السامبا بالكأس بشكل نهائى كأول
فريق يحتفظ بكأس العالم فى التاريخ، وقام بعدها الإتحاد الدول لكرة القدم
"فيفا" بصنع كأس جديدة صممها الإيطالى "دى سيلفيو كازانيكا".
ووضعت
الكأس القديمة (جون ريميه) فى خزائن الإتحاد البرازيلى لكرة القدم إلى
الأبد، لكن بعد 13 عاما وتحديدا فى 20 ديسمبر 1983، اختفت كأس العالم
مجددا لكن هذه المرة بشكل نهائى ولم تظهر حتى الآن.
وبعد احتفاظ
البرازيل بكأس العالم فى نسخته القديمة (جون ريميه) الذى تعرض للسرقة فيما
بعد، قرر الإتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" القيام صناعة وتصميم تمثال
آخر، حيث أسند إلى النحات الإيطالى دى سيلفيو جازانيكا تلك المهمة لصناعة
كأس العالم الجديدة.
واستعان جازانيكا بالذهب الخالص كمادة أساسية
لصناعة التمثال الجديد، وقام بتطعيمه بالحجر الكريم (المالاكيت)، وتزن
الكأس حوالى ستة كيلوجرامات ويبلغ طولها 36 سنتيمترا.
ويعبر
التمثال الجديد عن إثنين من اللاعبين يرفعون أيديهم في لحظة النصر حاملين
كرة قدم على هيئة الكرة الأرضية وقاراتها، وحرص النحات الإيطالى على أن
تبدو خطوط التمثال الممتدة من قاعدته ذات اللون الأخضر وحتى قمته الذهبية
فى حالة امتزاج وتوحى بالحركة.
ليصبح التمثال هو كأس العالم
الجديد، الذى سيسلم إلى الفائز بلقب البطولات القادمة، لكن غير الإتحاد
الدولى لكرة القدم اللوائح من أجل عدم تكرار ما حدث مع الكأس فى نسخته
القديمة.
وطبقا للوائح الفيفا الجديدة لا يمكن الاحتفاظ بكأس
العالم للأبد كما حدث مع كأس "جون ريميه"، على أن يقوم الإتحاد الوطنى
الفائز بآخر لقب بحيازة التمثال لمدة أربعة أعوام، يحصل بعدها على تمثال
آخر مماثل، لكنه مطلى بالذهب فقط وليس مصنوع من الذهب الخالص مثل الكأس
الأصلية.
ويعد منتخب ألمانيا هو أول فريق يفوز بكأس العالم فى
نسخته الجديدة، بعد تتوجيه بمونديال 1974 بألمانيا للمرة الثانية فى
تاريخه بعد فوزه على نظيره الهولندى فى نهائى البطولة بهدفين مقابل هدف
واحد.
ويتم إنفاق أموال طائلة من أجل الحفاظ على كأس العالم،
ونقلها بأمان إلى الدولة المضيفة للمونديال، بعد الحوادث الغريبة التى
طالت النسخة القديمة من الكأس، حيث قامت إحدى الشركات الكبرى بتصنيع حقيبة
فاخرة خصيصا للكأس، استغرق العمل فى تصنيعها أكثر من 100 ساعة، وتم نقل
الحقيبة وبداخلها كأس العالم إلى جنوب أفريقيا "الدولة المضيفة"، انتظارا
للفريق الفائز الذى سيحصل عليها نهاية البطولة، ليحتفظ بها لأربعة أعوام
مقبلة حتى انطلاق البطولة القادمة المقرر اقامتها فى البرازيل عام 2014..
ونال
شرف رفع كأس العالم الـ 18 السابقة منذ انطلاقها عام 1930 بالأوروجواى
وحتى 2006 بألمانيا ، سبعة منتخبات فقط سيطرت على تاريخ كأس العالم هى:
البرازيل
(خمس مرات) وإيطاليا (أربع مرات) وألمانيا (ثلاث مرات) و(مرتان) لكل من
الارجنتين وأوروجواى ومرة واحدة لكل من منتخبى فرنسا وإنجلترا.