ألغت تركيا الإتفاقيات العسكريَّة مع اسرائيل التي استبعدت من المناورات الجويَّة في أنقرة. وأعلن وكيل حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر تشيليك قرار تركيا إلغاء الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع إسرائيل التي كانت تربطها مع تركيا علاقات وطيدة في مجال التعاون العسكري التقني.
وقد زادت العلاقات بين تركيا وإسرائيل حدة بعد أن هاجمت القوات الإسرائيلية قافلة "أسطول الحرية" وأسفر الهجوم عن مقتل تسعة أشخاص، ثمانية منهم من الرعايا الأتراك، وإصابة 19 آخرين بجروح. وردا على ذلك طالب البرلمان التركي الحكومة بإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل.
و ذكرت وكالة نوفوستي الروسية أن نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرنش أنذر في نهاية الأسبوع الماضي باحتمال تقليص العلاقات مع إسرائيل إلى أدنى مستوى. ونقلت صحيفة "خبر ترك" الصادرة اليوم الإثنين قوله إن "خارطة طريق العلاقات التركية الإسرائيلية قد تشهد في القريب العاجل إلغاء الاتفاقيات العسكرية وغيرها".
وأعلن نائب رئيس الحزب الحاكم بزعامة رجب طيب أردوغان هو الآخر أن أنقرة تمارس كافة الحقوق الممنوحة لها طبقا للقوانين الدولية لمساءلة إسرائيل، حيث "سيتم استغلال كافة الحقوق لمعاقبة الحكومة الإسرائيلية ومَنْ أمر بالهجوم على القافلة ومَن يقف وراء ذلك".
وكانت وثيقة رسمية للجيش التركي نشرت يوم أمس الأحد بحسب وكالة الصحافة الفرنسية أفادت ان إسرائيل لن تشارك في مناورات جوية دولية ستجري خلال الأيام المقبلة في تركيا. ويشكل غياب إسرائيل تأكيدا لقرار أعلنته الحكومة التركية هذا الأسبوع يستبعد الدولة العبرية من ثلاث مناورات عسكرية مشتركة اثر الهجوم الإسرائيلي العنيف على أسطول مساعدات كان متوجها إلى قطاع غزة وقتل جراءه تسعة أتراك.
وأعلنت قيادة الأركان العامة في بيان ان مناورات "نسر الأناضول" ستجري اعتبارا من قاعدة محافظة كونيا (وسط) من 7 إلى 18 حزيران/ يونيو بمشاركة تركيا والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وايطاليا واسبانيا وحلف شمال الأطلسي. ولم يلفت البيان صراحة إلى غياب إسرائيل التي تشارك عادة في هذه المناورات.
وقد استبعدت تركيا السنة الماضية إسرائيل من هذه المناورات مبررة موقفها بعدم تفهم الراي العام ان يتدرب الجيشان معا بعدما صدمه الهجوم العسكري الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة مع نهاية 2008 ومطلع 2009 والذي اسفر عن سقوط 1400 فلسطيني بحسب مصادر فلسطينية. وتعتبر هذه المناورات مهمة بالنسبة الى إسرائيل لأنها تمكن الطائرات الإسرائيلية المتعودة على مجال جوي ضيق من التدرب في أجواء هضبة الأناضول الواسعة.
في المقابل ذكرت وكالة كونا أن الجيش الاسرائيلي قرر حظر سفر ضباطه وجنوده بشكل قطعي الى الاراضي التركية. وذكرت تقارير صحافية عبرية اليوم ان القرار اتخذ بعد توصيات من وحدة مكافحة الارهاب وذلك تحسبا لاية عمليات انتقامية ضد الجنود والضباط ورجال الامن الاسرائيليين في تركيا. واوضحت التقارير العبرية ان القرار يشمل عدم التوجه الى تركيا في اطار مهمات عسكرية او لاسباب خاصة. ويشمل القرار خصوصا جنود الاحتياط الذين كانوا ينوون تمضية عطلهم في تركيا.
ونقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن اوساط سياحية قولها ان "التوتر البالغ الذي يسود العلاقات بين البلدين دفع الاف الاسرائيليين الى الغاء زيارات كانوا سيقومون بها لتركيا".والغى نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية الوزير المكلف بملف الاستخبارات دان مريدور قبل ايام زيارته الى تركيا حيث كان من المقرر ان يشارك في مؤتمر لرؤساء دول وقيادات دولية حول العلاقة بين الدول الاسيوية اليوم الاثنين.
إلى ذلك، دعت اللجنة التنفيذية لمنظمة المؤتمر الاسلامي اعضاء المنظمة الذين يقيمون علاقات مع اسرائيل الى اعادة النظر في هذه العلاقات بعد الهجوم الدامي على "اسطول الحرية" الذي كان يحاول كسر الحصار على غزة. وقالت اللجنة في بيان صدر في ختام اجتماع عقدته الاحد في جدة (غرب السعودية) بحضور وزراء خارجية تركيا وايران خصوصا، انها تدعو "الدول الاعضاء الى اعادة النظر في علاقاتها مع اسرائيل بما في ذلك اعادة النظر في تطبيع العلاقات معها".
واوضح البيان الذي صدر في وقت متأخر من ليل الاحد ان الدعوة تأتي "في ضوء استمرار تحدي اسرائيل وانتهاكها للقانون الدولي ولجميع التزاماتها الدولية". ودان البيان "بأشد العبارات العدوان الوحشي الذي نفذته القوات الاسرائيلية ضد السفن المدنية التي تنقل مساعدات انسانية الى قطاع غزة وهي لم تزل في المياه الدولية"، معتبرة ان ما قامت به اسرائيل هو عمل "قرصنة".
كما أعربت اللجنة عن "تقديرها للجمهورية التركية لموقفها الثابث الداعم لابناء الشعب الفلسطيني"، وطالبت الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "بتشكيل لجنة دولية مستقلة لإجراء تحقيق كامل في الحادثة من اجل تحديد ومقاضاة ومعاقبة المسؤولين عن قتل المدنيين والاعتداء على سفن مدنية ومصادرتها بالقوة". وجددت اللجنة الدعوة الى رفع الحصار عن قطاع غزة واصفة اياه بانه "لا يشكل فحسب انتهاكا جسيما لحقوق الانسان الفلسطيني بل يمثل كذلك تهديدا خطيرا للسلام والأمن الدوليين وللاستقرار الاقليمي".
كما قررت اللجنة "تشكيل فريق خبراء حكوميين بالتنسيق الوثيق مع فلسطين وذلك من اجل بحث وتدارس السبل والوسائل والآليات الكفيلة بضمان رفع الحصار الاسرائيلي الجائر المفروض على غزة، وتسهيل عملية اعادة الاعمار في غزة".
والى جانب مصر وتركيا والاردن، يقيم عدد من دول منظمة المؤتمر الاسلامي في افريقيا وآسيا الوسطى علاقات مع اسرائيل. وترفض الدولة العبرية اي تحقيق دولي حول الهجوم الدامي على "اسطول الحرية" مؤكدة ان جنودها ردوا على هجمات مجموعة من الناشطين على متن سفينة "مافي مرمرة" التركية، كبرى سفن اسطول الحرية. يذكر ان منظمة المؤتمر الاسلامي تضم 57 عضوا وتمثل اكثر من مليار مسلم حول العالم.
الهجوم الإسرائيلي سيبحث خلال قمة الأمن في تركيا إلى ذلك، يشارك الرؤساء الايراني والسوري والفلسطيني والافغاني الاثنين في اسطنبول في قمة حول الامن في آسيا سيبحث خلالها على الارجح الهجوم الاسرائيلي الدامي على اسطول المساعدات الذي كان متجها الى غزة. وقال مسؤول تركي رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "نظرا لانه (الهجوم الاسرائيلي) مسالة امنية تتعلق بالرأي العام العالمي ونظرا لانها قمة حول الامن واسرائيل عضو في هذه المنظمة، لن يتفاجأ احد اذا بحثنا الامر".
ويشارك في "المؤتمر حول اجراءات بناء الثقة والعمل المشترك في آسيا" الذي يعقد ليومين الرؤساء الايراني محمود احمدي نجاد والسوري بشار الاسد والفلسطيني محمود عباس والافغاني حميد كرزاي والاذربيجاني الهام علييف ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، كما افادت مصادر رسمية تركية. ودعيت اسرائيل الى القمة بصفتها عضوا في المؤتمر وسيمثلها على الارجح سفيرها كما أفاد مصدر دبلوماسي تركي.
وسيستضيف القمة الرئيس التركي عبد الله غول فيما تبدأ اول الاجتماعات بعد الظهر وستخصص لنزع الاسلحة النووية والاستخدام السلمي للطاقة النووية وسبل تعزيز الثقة في آسيا. وانشئ هذا المؤتمر في العام 2002 بناء على اقتراح من رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف بهدف تنشيط التعاون في سبيل السلام والاستقرار في آسيا عبر تعزيز الحوار بين دول المنطقة. وتضم المجموعة 20 عضوا بينهم دول متعارضة تماما سياسيا ودبلوماسيا مثل افغانستان وباكستان وايران واسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية.
أوغلو: لا تطبيع للعلاقات إلا بعد إاجراء تحقيق في الهجوموفي سياق متصل، اعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاثنين ان لا تطبيع للعلاقات بين تركيا واسرائيل اذا رفضت الاخيرة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة من الامم المتحدة حول الهجوم الاسرائيلي الدامي على اسطول الحرية.
ودعا الوزير الدولة العبرية الى "اعطاء الضوء الاخضر لتشكيل لجنة ينص عليها القانون الدولي واقترحتها الامم المتحدة". واوضح انه اذا وافقت اسرائيل على تشكيل هذه اللجنة "فان العلاقات (الثنائية) ستأخذ بالطبع منحى آخر". واضاف "واذا واصلوا مماطلتهم فان تطبيع العلاقات التركية-الاسرائيلية غير وارد".
وكانت تركيا استدعت الاسبوع الماضي سفيرها من اسرائيل اثر الهجوم على اسطول الحرية. وكان داود اوغلو يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع نظيريه الافغاني والباكستاني على هامش مؤتمر لبناء الثقة والعمل المشترك في اسيا، المنتدى الدولي للترويج للتعاون الاقليمي الذي يفتتح الثلاثاء في اسطنبول.